background
/أخبار/ عرض الخبر

تقرير: العصف المأكول.. معادلة رسمتها المقاومة وثبتتها في معاركها

2023/07/07 08:00 ص
تصغير الخط
تكبير الخط
.

شكّلت معركة "العصف المأكول"، التي يوافق اليوم ذكراها التاسعة، حلقة الوصل للمعادلات التي فرضتها المقاومة على العدو الصهيوني، بما حققته من مفاجآت لم يتوقعها، ورسمت خطوطا حمراء وقواعد اشتباك غيرت معالم الصراع في معارك تالية خاضتها ضمن استراتيجية العودة والتحرير.

وشهدت المعركة كسر المقاومة لكل المعادلات مع الاحتلال، الذي ظن أنه يمكنه الاستفراد بشعبنا في الضفة والقدس وقطاع غزة، دون رادع، فخرجت الصواريخ من مرابضها، وبلغت طائرات أبابيل عَنَانَ السماء، وامتشق المجاهدون بنادقهم من أنفاق العزة، وشقوا غمار البحر ليجندلوا رؤوس الجنود الصهاينة من خلف الخطوط ومن نقطة صفر.

جاءت المعركة بعد أحداث كبيرة في أرض الوطن المحتل، بداية بعملية أسر وقتل الجنود الثلاثة في الخليل التي نفذتها كتائب القسام، مروراً بحرق مستوطنين الطفل محمد أبو خضير في القدس، واستهدافه للمقاومين داخل نفق للمقاومة، في يوليو عام 2014، والتي شكلت إرهاصات لمعركة فرضت فيها المقاومة نفسها، وفاجأت العدو بعملياتها النوعية، وكشفت فيها عن أسلحة جديدة.

قدمت المقاومة خلال معركة العصف المأكول نموذجا فريدا في أسلوب وشكل المعركة، والتي تميزت فيها بالصبر والحكمة والنفس الطويل والتحكم بمستوى النيران وفرض تكتيكها، وتمرسها في المواجهة يؤكد استخلاصها الدروس والعبر من كل جولة كانت تخوضها مع الاحتلال.

وعقب انتهاء معركة الفرقان، راكمت المقاومة من قدراتها وأعدت مجاهديها وطورت مهامهم وإرادتهم القتالية ما أفرز أداءً نوعيا في الميدان، وبما امتلكته الكتائب من منظومة استخبارات تكتيكية واستراتيجية، أهلتها لخوض معركة عسكرية ذات تأثير استراتيجي، فحققت نجاحا كبيراً لا يزال العدو يفصح عن تفاصيلها بين فترة وأخرى.

التحكم والسيطرة

ويأتي نجاح منظومة القيادة والسيطرة في معركة العصف المأكول، للدور الكبير للقائد الشهيد رائد العطار، حيث استطاع سلاح الاتصالات الذي كان يقوده إنشاء بنية تحتية لقيادة وسيطرة آمنة، بعيدة عن قدرات العدو التقنية، وكان المجلس العسكري بمثابة هيئة أركان حرب منعقدة يدير جميع شؤون المعركة.

أدارت قيادة الكتائب من خلال المنظومة كل السيناريوهات المحتملة بما فيها الأكثر صعوبة وتعقيداً، ووضعت الخطط وجهزت الميدان وأعدت المجاهدين وفقا لذلك؛ ما مكن الوحدات والصنوف المختلفة من القيام بمهامها الدفاعية والهجومية على حدٍ سواء في البر والبحر والجو، فوق الأرض وتحت الأرض.

استهداف العمق

فرضت المقاومة في العصف المأكول، سياسة ضرب المدن الكبري في العمق الصهيوني بالصواريخ ولا تزال ترسخها في كل معركة، فكانت مدن المركز من تل أبيب ومحيطها تحت الرشقات الصاروخية الثقيلة، كما في معركة حجارة السجيل التي سبقتها ومعركة سيف القدس التي تلتها استهدفت فيها مدن العمق.

واستكملت المقاومة المعادلة التي رسمتها في حجارة السجيل، بقصف تل أبيب بصاروخ M75، حين قطعت القناة الإسرائيلية الثانية بثها وأذاعت خبرا مفاده "نأسف لقد قصفت تل أبيب"، إلى جانب قصفها خلال العصف المأكول لأول مرة بصواريخ من طراز j80 "محلية الصنع".

حرب الأعصاب

مارست المقاومة على العدو حرب الأعصاب خلال معركة العصف المأكول، وجعلت حياة الصهاينة جحيماً، وأعلنت أنها ستقصف "تل أبيب" بصواريخ j80 في تمام الساعة التاسعة من مساء الثاني عشر من يوليو 2014، ودعت وسائل الإعلام لتوثيق الضربة الصاروخية ونقلتها من خلال البث المباشر عبر شاشات التلفاز دون أن يتمكن جيش الاحتلال من اعتراضها.

الأسلوب نفسه انتهجته المقاومة في سيف القدس، وأحدثت هزة في جبهة الكيان الداخلية، وبعد أن استهدف العدو الأبراج في قطاع غزة، طالبت القسام سكان "تل أبيب" ومدن المركز بأن يقفوا على رجلٍ واحدة وينتظروا ردها المزلزل، وبعد ساعات من القرار أمر قائد هيئة الأركان أبو خالد محمد الضيف برفع حظر التجول عن تل أبيب ومحيطها لمدة ساعتين، من الساعة العاشرة وحتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، ومع انقضاء المهلة وجهت المقاومة ضربةً صاروخيةً كبيرةً لتل أبيب.

النفس الطويل

فاجأت المقاومة العدو بالنفس الطويل في إدارة المعركة، وسطرت خلال 51 يوما حكاية صمود أسطوري، وأكدت للعدو أنها أعدت نفسها لمعركة طويلة قرأ العدو بعض فصولها وخفيت عنه فصول أخرى.

وفي المعركة هددت العدو أنه ما لم يستجب لمطالبها، فإنها ستدخله في حرب استنزاف طويلة تشل فيها الحياة في مدنه الكبرى وتعطيل الحركة في مطار بن غوريون لأشهر طويلة، وستكبده في اقتصاده دمارا كبيرا.

وكان نَفَس المقاومة طويلا أيضا على العدو في معركة سيف القدس عام 2021، وأعلنت خلالها أنها جهزت نفسها لقصف تل أبيب لمدة 6 أشهر متواصلة، وأنها ستكون الأطول نفسا والأكثر إصرارا على تحقيق أهدافها.

القصف بالقصف

رسخت المقاومة خلال معركة العصف المأكول معادلة "القصف بالقصف"، وكسرت هيبة الاحتلال، فكان ردها حاضرا وفوريا على قصف الاحتلال لمنازل الموطنين أو مقدراتهم في قطاع غزة.

ثبتت المقاومة المعادلة نفسها في المعارك والمواجهات اللاحقة، فكانت السياسة ذاتها "القصف بالقصف" في سيف القدس، وربطت أي تلويح أو قصف لبرج مدني في غزة برشقات صاروخية على تل أبيب وعسقلان وأسدود، وردت على كل مجزرة ارتكبها الاحتلال ضد المدنيين بالقصف، وإن زاد العدو من قصفه في القطاع زادت المقاومة من رشقات صواريخها ووسعت بقعة الاستهداف.

معادلة أسر الجنود

كما رسخت المقاومة في العصف المأكول، معادلة أسر الجنود الصهاينة، فأحكمت قبضة مجاهديها على الجنديين شاؤول أورون وهدار غولدين، وذلك انطلاقا من التزامها بثوابت شعبنا تجاه "قضية الأسرى" والعمل على تحريرهم.

وفي سيف القدس سارت المقاومة على ذات الدرب من أجل الأسرى، فحاولت كتائب القسام تنفيذ عملية أسر جنود صهاينة لإرغام الاحتلال على صفقة تبادل أسرى، لكن المجموعة المكلفة بالعملية استشهدت خلال مراحل تنفيذ العملية في استهداف الاحتلال لنفق في مدينة خان يونس شرق جنوب قطاع غزة.

وكما كل معركة، تكتب المقاومة فصولا ومعادلات جديدة، وتجعل من مزاعم استعادة الردع الذي يسعى إليه العدو وهما كبيرا، وفي سبيل تثبيت المعادلات لا تزال تعظم من قدراتها، وتواصل معركة الإعداد والتجهيز، وما المعادلات التي تكتبها إلا خطوة تتلوها خطوة تثبت بها أقدامها على طريق العودة والتحرير.

رابط مختصرhttps://hamas.ps/ar/p/17630
logo

جميع الحقوق محفوظة لحركة حماس © 2023